الاثنين، 27 فبراير 2017

بَسْ...... جبت الغايبة !




مررتُ ذاتَ يومٍ بجوارِ منزلِ جارِنا فوجدتُ ابنهُ أحمدَ يُمسكُ بِحبلٍ ويُدليه في حفرةٍ عميقةٍ من حفرِ الصرفِ الصحي ـــ أجلكم الله ـــ أسرعتُ نحوه والأفكار السيئة تتلاطمُ في رأسِي فصحت : ماذا هناك يا أحمد ؟ فقال بلهجةٍ عاميةٍ : " كورتي طاحت بالحفرة وابغاها تطلع" !
كان يَظُنُّ بأنَّ الكرةَ ستُمْسِكُ بالحبلِ أو أنَّ الحبلَ سيلتَفُّ حَوْلها ليعقد عُقدَهُ عليها ويشدّ وِثَاقَهَا فكان هذا أغبى حلٍّ سمعته في حياتي إلاَّ أنَّه لم يعدْ كذلك فقد استطاعَ أحدُهُمْ قَبْلَ أيامٍ أنْ ينافسَ أحمد في حلِّه العبقري وجاءَ بالغايبة كما نقول. فقد خرج علينا أحد مسؤولي تعليم صبيا بحلّ لمشكلةِ نَقْصِ المعلمات وسَدِّ عجزِ التعليم وذلك بِطَلَبِ خريجاتٍ للعملِ بدونِ راتبٍ واشترطَ هذا الفهلوي حكيم زمانه عدم مطالبتهنَّ بأيِّ مبلغٍ مالي أو ترسيم مستقبلاً ـــ يعني موت وخراب ديار ـــ ثم اختتم حديثه بلهجةٍ الغني البخيل الذي يمنُّ على فقيرٍ استظلَ بظلِّ جِداره فقال: " سنمنحهنّ الخبرةَ ونشغل أوقات فراغهنّ" وكأنّ مجرد قبولهن مكرمة تُقَبَّلُ من أجلها الأيادي!
كنت أتمنى لو أن هذا المسؤول قدم درسًا لنا في التضحيةِ والتفاني وقرّر العملَ بنصفِ راتبه ولن  أقول بكل الراتب فهل كان سيقبل ؟ أم أنه سيسرد الأحاديث التي تحث على إعطاء الأجير أجره؟

حقيقة مثل هذا الحل يطرح تساؤلات عدة:  كيف وصل مثل هذا إلى ما وصل إليه؟ وما نسبة من يحملون شهادات عليا في إدارات التعليم في المملكة ؟  و ما الخبرات والدورات التي حصلوا عليها ومن أين؟
إن تطوير التعليم يحتاج أولا إلى كل مخلص يخشى الله في أبنائه، وإلى كل فَذٍّ وهبه الله الذكاء والفطنة.  تطوير التعليم يحتاج إلى أكفاء مارسوا التعليم الميداني وزاولوه في مدارس الهجر والقرى والمدن بكل ما في التجربة من قسوة ومعاناة، تطوير التعليم يحتاج إلى من وقف في مطبخٍ حوَّلتهُ الوزارةُ إلى فصلٍ دراسيّ ليشرح درسًا عن حضارتنا في الأندلس!
تطوير التعليم يحتاج إلى من تصبَّبَ عرقًا في حجرةٍ تعتصرُ خمسين طالبًا تختلط فيها أنفاسهم، أما التنظير و ــ هرج السعة ـــ والحلول الخنفشارية فلن تزيده إلاّ خبالا.
إنك لن تبحر في سفينة بلا ربان ولو أنك قرأت كتب الملاحة كلها، كما أنك لن تبني قصرًا إن كان كل ما تحسنه هو رسم القصر في لوحة.




.

الأحد، 22 سبتمبر 2013

ظَلَّ الهَوَى



لا تقترفْ كذباً ولا
تُطِلِ الحديثَ المُفتَرَى
إنِّي مَلَلتُ من الحديثِ المُفتَرَى
يا أنتَ تبًّا هل أنا
كالدميةِ الملقاةِ يقذِفُها فتى ؟!
أنا لن أكونَ كلعبة ٍ
بيديكَ أنتَ مَللتَها
يكفي -بِرَبِّكَ- ماسمِعتُ وما رأيتُ وماجَرَى
قلْ ماأردتَ الآن من كذبٍ
قلْ ماتُحِبُّ وماتشاء
لكنْ -بِرَبِّكَ- لاتقُلْهَا
لاتقُلْ:

ظَلَّ الهَوَى

الخميس، 8 نوفمبر 2012

السكر المر !!













جلس على مقعدٍ وترك طاولةً كبيرة ً تفصل بينه وبين المدير، كان هذا أول لقاءٍ له مع مديره الذي عُرِفَ بأدبه وحسن تعامله واحترامه لموظفيه ،ولعلَّ إحساسًا ما وصل إليه وأوحى له بذلك ،عرفت ذلك عندما دخلت عليهما فجأة ً وكان هذا الرجلُ يتحدث مع المدير عن أمورٍ كثيرة ٍ لا تمت للعمل بصلة .

الموظف الجديد : إنني حتى اليوم لم أحقق أي هدفٍ أصبو إليه في الحياة وإن كان تافهاً على الرغم من أنَّي قد خدمتُ أكثر من ست عشرة سنة ، فسيارتي متهالكةٌ قد جربت كل علّةّ حتى الاستقرار النفسي لم أعرفه وإن كنتُ قد سمعتُ به كثيرًا ، إنني أجهل حقيقته أهو في الأسرة المتكاتفة المتحابة أم في الحياة الزوجية الهانئة؟!

لا تخدعك – يا أستاذي- هذه الشعرات البيضاء في لحيتي فأنا إلى اليوم لا أعرف من النساء إلا خالتي وسكت قليلاً ثم قال بغصةٍ : وأمي !

رأيت حزناً عميقاً في عينيه وسِرّاً دفيناً يُخْفيه بين أضلعه ورأيته وهو يكبح جِماح نفسه ويمنعها من الاسترسال أكثر.

أخذ المدير يواسيه بأدبٍ جمٍّ ويسترسل في الحديث عن مشاكل الحياة والصعوبات التي تواجه الإنسان فيها .

كان صالح – الموظف الجديد- رجلاً يبلغ الخمسين من العمر أو قاربها يعاني من ثقل ٍ في لسانه وسرعة ٍفي كلامه ! عرفت بعد ذلك بأنه قد تعرض لحادثٍ أثَّرَ على نطقه وحركته فكأنَّهُ يحاول فك عقدة لسانه بسرعة حديثه إلا أنه جذب الانتباه إليه بهذه الطريقة !


حتى هذه اللحظة لا أعلمُ كيف استطاعَ صالح بهذه السرعة أن يدخل إلى قلب كل إنسان في المدرسة مع أنّه لم يمضِ على قدومه فترة طويلة ، فهناك أُناسٌ يضع الله فيهم القبول فيلامسون شغاف القلوب وإن لم تجد سبباً منطقيا ً يبرر ذلك !

كان صالح إذا ناقش علمتَ بأنه يتكئ على علم لا بأس به وإذا تحدث لمستَ في حديثه الصدق والبراءة وكانت الطرفة لا تفارقه والابتسامة لا تغادر محياه حتى تظن بأنه أسعد إنسان في الدنيا ولعلّه كان يؤمن بأن أنجع دواءٍ للحزن هو الضحك .


                                                         **************

سامحني الله !

مشكلتي التي لم أتخلص منها حتى اليوم هي شغفي بقراءة أي شيء يقع بين يديَّ وكأنّ بين يديَّ وبين الورق مغناطيسا ً !

أذكر ذلك الدفتر جيداً وأذكر تلك الصفحات التي قرأتها منه والتي لم أفهم حقيقتها إلا بعد مدة ٍ بعد أن جاء صالح ليخبرنا بأن الله يسّر له وأن الدنيا قد تبسمت إليه وأنه ارتبط بفتاة ٍ عربيةٍ ستغسل حزنه بعد شهرٍ من الآن .

بهذه السرعة ! وبهذا التّحوُّل المفاجئ!

كنّا نستغرب من هذا الخبر لأنَّه كان يردد دائما بأنه لن يجد الفتاة التي ترضى به فمن هي التي ترضى برجلٍ قارب الخمسين ويعاني من مشاكل في النطق والحركة ؟!

رُحتُ أجْهِدُ ذاكرتي في العودة إلى تلك الوُرَيْقات التي قد قرأتها من قبل وفهمت الآن لم كنت أشعر بفرحةٍ وأنا أقرأ الدفتر ولِمَ أحسست بأن الأحرف تتراقص بين يديّ لقد كنت أمسك الفرح والسعادة بيديّ لقد كنت أُقلِّبُهُمَا !



                                                                         ******





( الورقة الأولى)


الحمدُ للهِ إذْ أصبحتِ لي قدرًا
حتى يزولَ غبار الحزنِ عن ذاتي


حتى أودِّعَ أسرابَ الجفافِ فـما
قد رفَّ قبلُكِ فَرْحٌ في سماواتي

خمسونَ عامًا وقد شارفتُ ذروتها
خمسونَ تمضي ولم تزهرْ جِراحاتي


إنِّي تعبتُ من الإبحار في وَجَعي
وملّتِ الريحُ تقبيلَ الشراعاتِ


الآنَ ترسو على كفيكِ أزمنتي
ويُنْبِتُ القربُ أزهارَ المسراتِ


الحمد للهِ إذْ أصبحتِ لي قدرًا
الحمدُ للهِ ماتت كل مأساتي




الآن فقط عرفتُ كيف يولدُ الإنسانُ مرتين وكيف يبدو كل شيءٍ جميل مثلك وكيف يصير لكل حرفٍ معنى ولكل همسةٍ نشوة ولكل ضحكة ٍفضاءات أحلق فيها معك !

أين كان يختبئ كل هذا عني ؟! وأين أنتِ عندما كنت أحملُ الهمَّ على ظهري لأربعين سنة أو تزيد ؟!!
لا أريد أن أذكر من الدنيا إلا أنتِ ولا أريد أن أبكي وقد عرفتك
الآن فقط أقول بأنني أولد من جديد .




                                                             ******




( الورقة الثانية )



ساحرة ٌ والله !!
عندما رأيتكِ بذلكَ الفستانِ الأحمرِ رأيتُ عمري الجديدَ فيه ، كنتِ فاتنة بحق وكنتُ محظوظاً بحق !

أ كُلُّ النساء هكذا مثلك ِ؟!

اعذريني يا قمري فأنا لا أعرفُ من النساء إلا أمي وخالتي التي كان لها الفضل بعد الله بأن جمعتني بك ، لقد أهدت لي الدنيا .
لماذا تُصِرِّين يا قلبي بأن تعرفي كل شيءٍ عني وعن طفولتي ؟

ماذا تنفعكِ الجِراحاتُ القديمةُ إذا أيقظتها ؟ وماذا ستجنين من حقول الصَّبّارإلا الشوك والمرارة ؟

من أجلك فقط سوف أفتح أقصى الذاكرة ولكن قبل أن أتحدث انصتي لقلبي
أتسمعين ؟

ينبض لك ِ !




                                                            **********





( الورقة الثالثة )




لا تسأليني عن أبي فهو هامشٌ في كتاب ونقطةٌ صغيرةٌ في سطر مكانه في حياتي تماماً مثل مكانه خلف اسمي في هويتي الوطنية .

ولدتُ لأمٍ عربيةٍ توفيت بعد أن أهدتني للحياة وتركت لي مواجهتها وحدي ، مذ وعيت على الدنيا وجدت لساني ينطق بـ(أمي) !

كنتُ أسأل نفسي لماذا لا تحبني ولماذا تعاقبني دائما وتعطف على إخوتي دوني ؟!
عرفتُ بعد ذلك بأني أردد كالببغاء لفظة (أمي) محاكياً إخوتي لأبي !


لا تسأليني عن طفولتي بل عن بداية حياتي لأني لم أعش طفولةً بل عذاباً مستمراً ، لقد زرعت (أمي) في داخلي الخوفَ منها ومن التحدث إليها أو النظر حتى إلى عينيها .
كنت في البيت شيئاً ليس ذا بال تماماً كقطعة أثاثٍ قديم أو كراسة طفل ممزقة .


كنت أكبر وكان الخوف من (أمي) يكبر معي وعداوتها وعداوة إخوتي لي تفوح منهم كرائحة بيضٍ فاسدٍ ، لقد قتلت (أمي) في داخلي كل شيء ، الحرية والرغبة والحبّ والشجاعة وقول لا إلا في الشهادة !

عندما أصبحت رجلا ً وجدت نفسي عاجزاً عن القيام بأي شيء دون مساعدة (أمي) وعندما توظفت كانت البطاقة المصرفية معها لي منها مايبقيني على قيد الحياة ولها منها ما يبقيها أنيقةً بين جاراتها .


ولمّا بلغت الثلاثين من عمري تعرضت لحادث ٍ ماكنت لأنجو منه لولا رحمة الله وخرجت منه كما ترين الآن ، كم كنت في حاجة ماسة لمن يواسيني ويخفف عني ما أجد ، مازلت أذكر كلمات (أمي) وكأنها تتردد في أذني الآن عندما أتيت إليها وقبلت يدها بحركة ٍ آلية ٍ وطلبت منها أن تبحث لي عن زوجة فكان الرد : ( ومن ترضى بمعاق ) ؟!!!


هذه حياتي وهذه أمي !

أرأيتِ ما زلت أردد كالببغاء ( أمي) !!!!






                                                                     ******




 ( الورقة الرابعة )





شهرانِ فقط يا عصفورتي وتتغير حياتي كلها ويُولد فصلٌ أخيرٌ من روايةٍ ! شهرانِ فقط ويكون صدرُكِ ملجئي .


إن مجردَ التفكير في تلك اللحظات يُصيبُنِي بنشوةٍ عارمةٍ ورعشةٍ لطيفةٍ وبرغبةٍ مُلِحَّةٍ بالطيران، تلك الفرحةُ أكبرُ من أن يسعها قلبي الصغير، ذلك القلب الذي شرب كأس العذاب مترعًا آنَ لهُ أنْ يرتاحَ الآن، آنَ لهُ أن يحيا من جديد.


لقد ظلمتكِ خالتي عندما وصفتكِ لي ولا ألومها ، فكيف لها أن تصف القمرَ والشمسَ والوردَ والشهدَ والحقيقةَ والخرافةَ وقد اجتمعت كلها فيك ؟!


عندما رأيتك أول مرةٍ عَجِبتُ كيف لامرأةٍ من السماءِ أن تعيش بيننا ونسيت كل ألمٍ وأنا أبحِرُ في عينيكِ فقد هبطتِ عليَّ كهبةٍ من الله كنتُ طويلاً أنتظرها .


أخبريني الآن هل أعجبتكِ القاعة ؟ وهل استعددت جيدا لذلك اليوم؟ وهل فرغتِ من حجوزاتك واختيار فستانكِ ولون شعرك وشكل الكوشة وشريط الزفاف؟

أمَّا أنا فعلى يقينٍ بأنكِ ستكونين ساحرةً حتى بدون هذا كله ،لكنِّي يا وردتي لن أحرِمكِ من شيءٍ تحلمين به .


يا ملاكي لو أن الأمر بيدي لأتيتُكِ الآنَ وخبأتُكِ في جسدي كفراشةٍ تُخبِئ كُحلَها وتركتُ لهم الفرحةَ بتلك الطقوس وتركتُ لنا فرحةَ اللقاء.



نسيت أن أخبركِ بأني قد أعددت لكِ مفاجأةً لن أخبركِ بها إلا عندما تضعين جسدكِ على سريري وتَدُسين رأسك في حضني كعصفورٍ صغيرٍ



أحِبُكِ


                                                               ********


اليوم هو يوم السبت والساعة الآن الخامسة عصراً عندما بدأت الشمس تنظر بعينين صفراوين نظرة المحزون فيقع ضوؤها على الأشياء لتترك على وجوهها تلك السحنة أو هكذا خُيّل إليّ !

وثلاث سيارات تسير ببطء خلف بعضها البعض وكأنها تبحث عن شيء ما ، ولعلها تبحث عن منزل يقع خلف مسجد تطل واجهته إلى حديقة صغيرة قد زُينت بأنواع من الزهور كما وصف لهم أحد المارة .


وقفت السيارات أمام المنزل ونزل منها سبعة أشخاص- كنت أحدهم- ليدخلوا ذلك المنزل ، وعلى الباب استقبلنا شيخ وأبناؤه مما اضطرني إلى تحريك شفتي بقولي: ( عظّم الله أجركم ) دون وعي مني أو فهم ٍ لحقيقة ما أقول !


مازلت لا أصدق زميلنا الذي أخبرنا اليوم بأن صالح قد انتقل إلى رحمة الله وأن اليوم هو ثاني أيام العزاء ، وما زلت أذكر كلامه وهو يصبه فوق رأسي كالماء البارد ليشل كل حركة وهو يقول : ( لقد أراد صالح أن يعتمر قبل موعد زفافه المقرر يوم الأربعاء القادم ولكنّ الله لم يقدر له ذلك عندما انفجرت إحدى الإطارات لنقلب السيارة رأساً على عقب ويلفظ أنفاسه في مكانه وهو يرتدي لباس الإحرام !)


إذن كل شيء انتهى ؟! وكل الأماني تبخرت ؟! وذلك الدفتر تحول من طائر حبِّ إلى خنجرٍ يمزق خاصرتي !

رحت استرجع كل شيء له علاقة بصالح وكانت المصيبة لي مصيبتين فأنا من قرأ قلبه وأمانيه وأحلامه .



                                                                 *******


المفتاح يدور في قفل الباب وصوت ثلاث طَرَقَات تعلن لكل من سمعها بأن باب الشقة قد فُتِحَ وفتاة في العشرين من عمرها تدخل الشقة المظلمة ووقع حذائها وحقيبة كبيرة تجرها يبدد ذلك الصمت الرهيب كما بددت الأنوار من بعد ظلام الشقة .

كانت الفتاة تعرف الشقة جيداً وإن كانت أول مرة تدخلها فصالح قد أخبرها عن كل شيء فيها وقرر معها اختيار الأثاث قطعة ً قطعة .

توجهت الفتاة إلى حجرة النوم وبدأت بجمع أشيائها التي قد وضعتها أمها هنا قبل أسبوع ، كانت تفتح الخزانة وتخرج منها ملابسها لتضعها في حقيبتها فمرةً تمسح دمعتها ومرة ًتضع ملابسها وكل كلمةٍ قالها صالح قد ركضت إليها فهي الآن تذكر كل همسةٍ وكل قصيدةٍ وكل خاطرةٍ وتذكر تلك المفاجأة التي وعدها بها فتبتسم بمرارة وتنظر إلى صندوق كبير بجوار السرير قد كُتِب عليه : ( هديتي لزوجتي الغالية)
وتفتحه لتجده فارغاً قد سبقها أحدهم إليه وتجد ورقةً صغيرة تحت الصندوق بخط صالح قد كَتَبَ فيها :



الآنَ تجتمعُ السعادةُ كلُّها
ويطيرُ كلُّ الحزنِ مَعْ زَفَرَاتي


فتسقط دمعتها وتكتب على الورقة نفسها :


الآنَ تجتمعُ التَّعاسةُ كلُّها
ويطيرُ مِنِّي الحلمُ مَعْ زَفَرَاتي

وتمضي










                                                     (تمت)






.

السبت، 20 أكتوبر 2012

لماذا تُصِرّ؟


لماذا تُصِرُّ على أن تكون
مثل القمر!

تُذوِّب قلبي

وتهدي إليّ الوصال

وتأفل في آخريات الشهر !




لماذا الغياب وأنت الحبيب

وأنت القريب

وأنت الذي قد قلت لي:

بأن الحياة بلا شفتيّ

ضرب جنون!

وأن الحياة بلا راحَتيّ

كأس عذاب!

وطيف سراب !

لماذا حببي

لماذا إذن

هذا الغياب ؟!





.


عندما يُولد الحرف

أيّها الحرفُ أتاك

عاشق ٌ يرجو رِضاك

شاعرٌ يُهدي هواهُ

لِمَنْ هَواك

فاستمع للناي كيفَ يُديرُهُ

واستمع للريحِ كيف تُعِيدُهُ


أيّها الحرفُ الغريبْ

هل رأيتَ الحبَ يوما ً
في عيونِ العاشقين

هل تغنّى فيكَ ثَغْرٌ
ثمّ جَفَّ من الحنين

هل تهادى عاشقانِ
فيك زهرَ الياسمين

إنّي أراكَ الآنَ

تأتي باسما ً

ضاحكا ً ..... ربّما

ربّما كُنتَ

حزين !!










.

الخميس، 18 أكتوبر 2012

قصيدة

إلى عينيك ِ أهديها

إليك ِ وعنك ِ أكتب
يخبئ العاشقُ وجهَهُ في قصائده فهل رأيتِه ِ !







لا أعرف ُ إلا سيدة ً
تخشى من حب ٍ أعماني



كالريشة ترقصُ في كفّ ٍ
وتلون أحلى الألوانِ



يأسرني صمت ٌ يقتلني
يُشعلُ في صدري بركاني




كالغيمة ِ أنتِ على مهلٍ
مرّت لم تطفئ نيراني



وأنا في عَجَل ٍ أتبعُها
حتى أنستني عنواني



سأظلُّ أحبك ِ سيدتي
ويظلّ الحبُّ بأجفاني




وسأعزفُ لحناً يجمعنا
فبقربكِ تحلو ألحاني




إنّي أحببتك ِ هل أصغى
قلبُكِ يا قمري لبياني ؟!




خبَّأتكِ في صدري أملا ً
يطردُ عن صدري أحزاني




ورَسمْتُكِ ورداً وَ فَرَاشاً
وبروقاً تمسحُ شُطآني





قولي: أحببتـُكَ كي أحيا
كي يُمطرَ بالحبِّ لساني




قولي : أحببتـُكَ ، قَبِّلْنِي
تشتاقُ لصدركَ أحضاني




قولي : أحببتُك َيا رجلا ً
يشقى بالحبِّ وأشقاني





فتعالي كالمطرِ انهمري
واجتاحيني كالطوفان ِ



يا أشهى امرأة ٍ بالدنيا
يا ريحاً تعصفُ بكياني



يا امرأة ً تسكن ُ أوردتي
تجري كالدَّم ِفي شرياني




تجمعُني ثم تبعثرني
تكسرني مثل الأغصان ِ



كالقُبْلَة ِ تخرج ُ من ثغري
كالقمر ِ تسامر ُ أشجاني






يا نجما ً يرقص ُ في ألَق ٍ
يُلهِمني شِعرا ً وأغاني




عيناك ِ نجاة ٌ وهلاك ٌ
سحر ٌ من عهد ِ سليمان ِ




والشفة السُفلى تُشعلني
توقظُ في صدري شيطاني





لا تقفي أبدا ً صامتة ً
أتعبني الصمت وأضناني









.

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

ياقاعدين يكفيكم شر الجايين !!



عندما كنتُ في المرحلةِ الثانويةِ علَّمني عمِّي رحمهُ الله الإدمانَ على أصوله ، فكبرتُ وقد تمكَّنتْ مِنِّي ، فأنا اليوم لا أستطيع تركها ولا يحلو يومي دون شربها ، دون النظر إلى لونها الأصفر الساحر ورائحتها التي تدخل أنفي لتبخِّر دماغي فتعدله لتستقيم صورة الأشياء الحقيقية أمامي .

لا تدعْ الشيطان يوسوس إليك ويذهب بك بعيداً فأنا ماقصدت إلا القهوة والبن اليمني بالذات !


إن كل من لم يجربْ البُن اليمني لم يعرف القهوة الحقّةَ ولم يتقهوَ بعد وإن زعم غير هذا فهو كسعودي يقول بأنه يستطيع التفريق بين الكابتشينو والقهوة الفرنسية وبين القهوة التركية والاكسبرسو في السعودية ، مع فارق بسيط بينهما فالأول لم يذق البُن اليمني والثاني زبون عند ميكانيكي لم يجد عملاً فأصبح يُعِدُّ قهوةً فرنسيةً تختلف كل مرة باختلاف الزبون !

دخلت قبل أيامٍ محلاً يبيع البُن اليمني فوجدت زبونًا بدا لي بشوشًا ومحترمًا قد قَصَّر ثوبه وأطال لحيته ، كان يتحدث بلباقةٍ وأدبٍ فما فرغ من الشراء حتى ختم حديثه بعبارة ( بارك الله فيك) وخرج.


ولأني (أمون) على مشتاق الهندي -العامل في المحل- أخذ يفضفض المسكين ويقول بأن هذا الرجل قد أخذ منه عشرة آلاف ريال قبل أكثر من أربع سنوات وما زال يماطله ، وحتى لو أراد أن يشتكي فليس معه مايثبت حقه ، ثم من هو الذي سيصدق مشتاق الهندي ويُكذِّب هذا الرجل الصالح ؟!!


أخذتُ ألومه وأقول له لماذا أعطيته مالك ؟!
فأجابني بعربية ٍ مُكَسَّرةٍ لم أستطع إخفاء ابتسامتي وهو يقول :
(
هزا نفر كلام حلو سيم سيم تمرة سكَّريّة )
( أنا كلام مطوع مافي كزَّاب لكن بفففففففففففففف)
ووضع سبَّابته على شفته السفلى وحركها عالياً ولم يسلم وجهي من عواقب تلك الحركة .

لم أقلْ لمشتاق بأننا ( كلّنا في الهوى سوا) فما جرى له جرى لي مع فارق بسيط ، فالذي استدان مني عشرين ألفاً – وقد كنتُ والله في حاجتها- قد عزف على وتر الحاجة وأتقن الدور ببراعة نجوم هوليود حتى وثقت به !
ومن هو السعودي الذي لا يثق بإمامِ مسجدٍ وخطيبِ جمعةٍ ومأذونٍ شرعي ومعلم دين قد اجتمعت كلها فيه ؟!!

بالنسبة لي أعرف كيف أسترد من هذا النصّاب ما أخذ حتى لو كلّفني ذلك البحث عنه (بيت بيت دار دار زنقة زنقة) أو تطوّر الأمر وتعدى لمحكمة محكمة ، أمّا مشتاق الهندي فلا أظنه سيأخذ إلا درساً وينقل سمعةً سيئةً عن أُناسٍ يعيشون بيننا قد تستروا بلباس الدين الجميل وبهيئة الصالحين ليسهل لهم الوصول إلى جيوبنا وعقولنا وقلوبنا وسيكون حَذِراً مع كل مسلمٍ مهما كانت صورته !!!


إنّ سرقة مالٍ مني أهون بكثير عندي من سرقته باسم الدين وبتشويه صورة الصالحين ، والعاقل يعتبر من غيره ويطرح عنه تلك الطيبة الزائدة حتى لا يحدث له ما حدث لي ولمشتاق .

خرجت من المحل بعد أن واسيت مشتاق الهندي وأنا أفكِّر بفنجان قهوةٍ يعدل مزاجي الذي عكَّره مشتاق وصديقنا النصَّاب .





.

الأحد، 14 أكتوبر 2012


.



تَقولُ بأيّ فستانٍ *** أكونُ أنا بِهِ الأبهَى ؟!

بهذا الأحمرِ المذبوحِ *** أم بالأصفرِ الأغلى ؟!

أما تدرينَ فاتنتي *** بأنّكِ دائما أحلى

من الألوانِ والأقمارِ *** من أشعارنا الخجْلى!






.